منذ السابع من أكتوبر 2023، يتعرض قطاع غزة لحرب إبادة غير مسبوقة، أسفرت حتى تاريخ إعداد هذا التقرير عن مقتل أكثر من 58,000 مدني نصفهم من النساء والأطفال، وإصابة ما يزيد عن 130,000 آخرين، غالبيتهم من النساء والأطفال. لم تكن هذه الحرب عسكرية الطابع فقط، بل جاءت لتستهدف بشكل ممنهج البنية المدنية والحياة اليومية، ما جعل الفئات الأشد هشاشة النساء والأطفال في قلب الاستهداف والمعاناة.
ونتيجة للحرب المستمرة والحصار المستمر ازدادت معاناة الأطفال والنساء، وحسب الأمم المتحدة، يوجد في غزة حوالي 177000 امرأة مهددة بصعوبات صحية خطيرة، من بينهم 15000 امرأة حامل معرضة للمجاعة، بالإضافة ل 162000 امرأة مهددة بأمراض غير معدية مثل السكري والقلب[1].
في يونيو 2025، ارتفعت نسبة سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون الخامسة من 5.5% في مارس إلى 10.2% في يونيو2025 فقط، مع تشخيص أكثر من 5800 طفل يعانون من سوء التغذية، منهم أكثر من 1000 حالة خطيرة فقط في يونيو المنصرم[2]، ووفقاً لتقرير IPC (نوفمبر 2024–أبريل 2025)، يتم التنبؤ بأكثر من 60000 حالة سوء تغذية حاد للأطفال ما بين 6-59 شهرًا، منها 12000 حالة شديدة. إضافةً إلى 16500 امرأة حامل أو مرضع بحاجة لعلاج من سوء التغذية[3].
في هذا التقرير، نرصد واقع هذه الفئات تحت وطأة النزاع، ونحلل أنماط الانتهاكات التي طالتهم، ونتتبع آثار انهيار منظومات الحماية والرعاية الأساسية، من خلال قراءة حقوقية تستند إلى مبادئ القانون الدولي الإنساني، ومواثيق حقوق الإنسان ذات الصلة.
وإذا ما استمرت الانتهاكات بحق النساء والأطفال في قطاع غزة بهذا النمط الممنهج، دون تدخل دولي فعّال، فإن تداعيات ذلك لن تقتصر على التدمير المادي والمعنوي الحاصل، بل ستمتد إلى أزمات بنيوية تطال مستقبل النسيج الاجتماعي الفلسطيني برمته، وتدفع أجيالًا كاملة نحو الفقد، والجهل، والصدمات النفسية المزمنة، والانفصال عن العالم. إن فشل المجتمع الدولي في وقف هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها يُكرّس نموذجًا مرعبًا للإفلات من العقاب، ويُفرغ القانون الدولي من مضمونه الإنساني.
أولاً: واقع النساء والأطفال في ظل حرب الإبادة على قطاع غزة:
تعرضت النساء والأطفال في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 لانتهاكات غير مسبوقة تمس كافة مناحي الحياة. وبوصفهم الفئات الأكثر هشاشة، كانت آثار الحرب عليهم أشد وقعًا، سواء على المستوى الاجتماعي أو النفسي أو الاقتصادي أو الصحي أو الأمني، وهو ما نستعرضه على النحو الآتي:
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (يونيو 2025)، تواجه 13901امرأة واقعًا مأساويًا بعد فقدان أزواجهن نتيجة حرب الإبادة الجارية، ليصبحن المعيلات الأساسيات لأسر حرمت من عائلها[4].
وفي موازاة ذلك، خلّفت الحرب أوضاعًا كارثية للأطفال، حيث تشير تقارير اليونيسف ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) إلى وجود ما لا يقل عن 17000 طفل في غزة أصبحوا غير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم، بسبب مقتل الوالدين أو فقدان الاتصال خلال عمليات النزوح والقصف. يُترك هؤلاء الأطفال لمواجهة واقع اجتماعي شديد الهشاشة، دون حماية كافية أو رعاية مستقرة[5].
ويُضاف إلى ذلك أن أكثر من 23600 طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما، بحسب دراسة نُشرت في مجلة Population Health Metrics (مايو 2025)، مما يعمّق آثار الصدمة والفقد داخل الأسر، ويُجهز على ما تبقى من بيئة آمنة للأطفال[6].
تقول صابرين ح. (45 عامًا)، في إفادة موثقة بتاريخ 22 يونيو 2025: "نزحت ست مرات، فقدت بيتي وأولادي، اعتُقل ابني وابنة أختي، وأعيش الآن في خيمة دون أي شعور بالأمان"[7]، فيما تُظهر التقارير الصحية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود تسجيل مئات الحالات من الانهيار النفسي الحاد، واضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD) بين النساء والأطفال، في ظل انعدام الخصوصية داخل مراكز النزوح، وغياب خدمات الرعاية النفسية الطارئة بشكل شبه تام.
وتكشف إفادة أخرى، وثقت بتاريخ 15 يوليو 2025، عن نمط متزايد من العنف القائم على النوع الاجتماعي، تتعرض له الأرامل والنساء دون معيل. تقول شيماء (30 عامًا)، وهي أرملة نازحة في أحد مخيمات النزوح غرب غزة: "أنا من النساء اللاتي يتجنبن الاختلاط بالآخرين كي أُبعد نفسي عن أي عنف. تعرّضت من أقرب الناس لي لعنف نفسي وابتزاز مالي... أعلم أن ما يحدث خاطئ، لكنني لا أملك رفاهية الرفض. زوجي قُتل، ولا سند لي. أُصبت بشكل مباشر حين استُهدف منزلنا، وأعيش اليوم ضغوطًا نفسية شديدة واكتئابًا لا ينتهي"[8].
وتشير تقارير اليونيسف وUN Women إلى تزايد معدلات الاكتئاب والقلق الحاد بين النساء، وارتفاع مؤشرات الوصم، والانعزال، وانعدام الشعور بالأمان الشخصي، خاصة بين الأرامل والناجيات من الاستهداف المباشر[9].
وقد وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وشهادات محلية عديدة، أدلة على استخدام العنف الجنسي كأداة من أدوات الحرب من قبل قوات الاحتلال، ضمن نمط متكرر يستهدف المدنيين الفلسطينيين، لا سيما النساء[10].
وفي داخل مراكز الإيواء جنوب قطاع غزة، أفادت شهادات موثّقة بوقوع حالات تحرّش واعتداءات جسدية داخل الخيام، خاصة في ظل غياب الفصل بين الجنسين[11]، وافتقار هذه المراكز لأي بنية حماية أو خصوصية. ويتضاعف خطر هذه الانتهاكات مع تردي الأوضاع الأمنية، وغياب الشرطة المدنية، وعدم توافر آليات تقديم الشكاوى أو الوصول إلى خدمات قانونية أو نفسية.
وتحذّر تقارير أممية من أن النساء والفتيات الأرامل والنازحات هن الأكثر عرضة للعنف القائم على النوع الاجتماعي، سواء من الغرباء أو حتى من أفراد الأسرة، في ظل هشاشة الوضع الاجتماعي، والاعتماد القسري على شبكات غير رسمية لتأمين الاحتياجات الأساسية.[12]
في شهادة موثقة لغرض التقرير، تقول صابرين (45 عامًا): "كنت أعمل حاضنة أطفال، ومنذ بدء الحرب فقدت كل شيء. لم أعد أملك مصدر دخل، وأعيش على ما يُقدّم من مساعدات لا تكفيني ولا تكفي أسرتي"[13].
ووفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي في مايو 2025، فإن أكثر من 80٪ من النساء العاملات فقدن وظائفهن خلال الحرب، كما تعرضت المشاريع الصغيرة المدارة من النساء لانهيار شبه كامل، خاصة تلك العاملة في القطاعات المنزلية، التعليم المبكر، الحرف اليدوية، والخدمات المجتمعية[14].
كما تشير تقارير منظمة العمل الدولية (ILO) إلى أن النساء الأرامل والنازحات يواجهن عوائق مضاعفة في العودة إلى سوق العمل، سواء بفعل القيود الأمنية أو نتيجة غياب الحضانات والتعليم، أو حتى بسبب وصمة العنف والوصاية الذكورية المتزايدة وسط الأزمات[15].
انهيار الحماية القانونية وتفشي العنف: أدّت الحرب المستمرة وتدمير مقار الشرطة والقضاء إلى تلاشي مظاهر الحماية القانونية في قطاع غزة، وتحولت المنطقة إلى بيئة يسودها العنف واللانظام. ومع غياب مؤسسات إنفاذ القانون، لم يعد بالإمكان الوصول لأي شكل من العدالة أو المحاسبة، خاصة في حالات الانتهاكات بحق النساء والأطفال.
وقد استهدفت قوات الاحتلال المدنيين بشكل مباشر، حتى أثناء محاولاتهم الوصول إلى المساعدات الإنسانية، حيث سُجل مقتل أكثر من 330 مدنيًا أثناء سعيهم لتأمين الغذاء، بحسب تقارير ميدانية من OCHA وهيئات حقوقية محلية[16].
وتشير شهادات متعددة إلى أن مراكز الإيواء المؤقتة، التي يفترض أن تكون ملاذًا آمنًا، تحولت إلى بؤر خطر وانكشاف، نتيجة انعدام الأمن، وغياب الخصوصية، وتداخل العائلات، وضعف الإشراف. كما أن الحصار المطول لبعض مناطق النزوح، واستهداف المخيمات، فاقم الشعور العام بانعدام الأمان، وحتى انعدام فرص النجاة.
ويعد هذا الوضع بيئة خصبة لارتكاب انتهاكات متعددة، خاصة مع تفشي ظواهر اجتماعية كـ الترمّل الواسع بين النساء نتيجة مقتل الأزواج، وارتفاع عدد الأيتام، ما يجعل النساء والأطفال الفئة الأكثر عرضة للمخاطر الأمنية، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والاستغلال.
في ظل هذا السياق، تغيب آليات الحماية المجتمعية أو القانونية، ويجد المدنيون أنفسهم في فراغ قانوني وأمني مطبق، يعمّق دوائر الانتهاك والعجز، ويترك النساء والأطفال بلا حماية، ولا أدوات للمطالبة بالعدالة أو الإنصاف.
في إفادة موثّقة بتاريخ 22 يونيو 2025، تقول صابرين / ح (45 عامًا): "أزو المستشفى وأعود سريعًا. لا علاج، لا دواء، الوضع مرعب. أفضل أن أموت في خيمتي على أن أعود هناك.[17]"
ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة، يعيش أكثر من400000 امرأة نازحة في ظروف صحية غير آمنة، في خيام تفتقر إلى المياه النظيفة، ودورات المياه، والرعاية الطبية الطارئة. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية والهلال الأحمر إلى وفاة مئات النساء والأطفال بسبب تأخر سيارات الإسعاف أو غياب الأدوية الأساسية[18].
تفيد مجموعة الحماية الدولية بأن 70% من الأدوية الأساسية نفدت، وأن كل خمسة رُضّع في مستشفيات غزة يضطرون إلى مشاركة حاضنة واحدة، ما يشكل خطرًا مباشرًا على حياتهم. كما حُرمت أكثر من 150000 امرأة حامل ومرضعة من خدمات المتابعة الصحية الأساسية، بما يشمل الفحوصات، والرعاية التخصصية، والولادة الآمنة[19].
وعن الأطفال، لا يوجد في غزة اليوم ما يمكن وصفه بـ "الملاذ الآمن"، إذ يُقتل يوميًا نحو 28 طفلًا، بحسب تصريح مديرة منظمة اليونيسف أمام مجلس الأمن (يونيو 2025)، بينما أصيب أكثر من 40000 طفل بإصابات متفاوتة منذ بدء الحرب. وتشير التقارير إلى أن 10 أطفال يوميًا يفقدون ساقًا أو كلتا الساقين نتيجة القصف المباشر، وهي أرقام صادمة تُعبّر عن اتساع دائرة الاستهداف الممنهج للفئات الأضعف[20].
وتُظهر إفادة موثّقة بتاريخ 16 يوليو 2025 هول الواقع على الأرض. تقول إيمان ع. (29 عامًا)، نازحة من جباليا: "أُصيبت أمي أثناء النزوح، ورأيتها تموت أمامي ببطء. تم إطلاق النار بشكل مباشر على سيارة الإسعاف التي تقلنا، وعندما وصلنا إلى مستشفى كمال عدوان، لم نجد سريرًا، ولا كهرباء، ولا أدوية. أجريت لها عملية على الأرض، باستخدام إضاءة الهاتف، وبلا تخدير، لأن كل شيء كان مفقودً"[21].
ويُضاف إلى ذلك أن قوات الاحتلال الاسرائيلي لم تكتفِ بحرمان الجرحى من العلاج، بل استهدفت الطواقم الطبية ذاتها. فبحسب مجموعة الحماية الدولية، قُتل 1580 من العاملين في القطاع الصحي، و467 من موظفي الإغاثة الإنسانية منذ 7 أكتوبر، في استهداف مباشر للمستشفيات، وفرق الإسعاف، ومخازن الأدوية[22].
تقول "نهى" وهي أم نازحة: "ضاعت أعمار أولادي بلا تعليم، لا إنترنت، لا مدارس، ولا حتى أمان نبعثهم فيه لنقطة تعليمية"[24].
وقد حُرم أكثر من 76,000 طالب/ـة من تقديم امتحانات الثانوية العامة للعامين المتتاليين، ما عمّق من فجوة التعليم، وخلق حالة من الضياع التربوي والنفسي لدى الأطفال واليافعين. وتؤكد مؤسسات التعليم في غزة أن هذا الجيل يواجه خطر "الضياع المعرفي"، في ظل غياب أي بدائل تعليمية آمنة أو مؤقتة، واستمرار استهداف البيئة التعليمية بشكل ممنهج.
وبحسب تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن 85% من أراضي قطاع غزة إما واقعة تحت أوامر إخلاء أو تُصنّف كمناطق عمليات عسكرية، ما يجعل كل موقع في القطاع عرضة للاستهداف، ويقوّض أي احتمال لوجود مأوى آمن.
في كثير من الحالات، استُهدفت خيام ومراكز إيواء النازحين بالقصف، ما أدى إلى مقتل وجرح المئات، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال. وتشير بيانات أممية إلى أن نحو مليون امرأة وفتاة في غزة يعشن حاليًا في ظروف نزوح قسرية، وسط غياب أبسط مقومات الأمان والرعاية، وتكرار التنقل بين مواقع غير صالحة للسكن بفعل استمرار القصف أو التهجير[25].
ثانياً: الأوضاع القانونية للمرأة والطفل أثناء الحرب على قطاع غزة.
منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، تعرّضت منظومة الحماية القانونية للفئات الهشة، ولا سيما النساء والأطفال، لانهيار شبه تام. ورغم أن هذه الفئات تحظى بحماية خاصة بموجب القانون الأساسي الفلسطيني، واتفاقيات دولية عديدة أبرزها اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية سيداو، واتفاقيات جنيف، إلا أن هذه الحماية لم تصمد أمام استهداف الاحتلال المنهجي للمؤسسات المدنية المعنية بتقديم الدعم والخدمات، وعلى رأسها وزارة التنمية الاجتماعية ومراكز الحماية الشرطية.
يقول المحامي أحمد المصري، المستشار القانوني في مقابلة شخصية أجريت في مكتبه للتوثيق في التقرير بتاريخ 22 يونيو 2025: "منذ السابع من أكتوبر، بات القانون في غزة شبه غائب، بفعل التدمير المتعمّد لمؤسسات إنفاذه. أصبحت النساء والأطفال عرضة للعنف بلا حماية، بل بلا أي منظومة قانونية قائمة. نحن أمام واقع تحكمه شريعة الغاب: جريمة بدون عقاب، وضحية بلا إنصاف".
مع غياب الردع القانوني، تصاعدت أنماط العنف المجتمعي والأسري ضد النساء والأطفال، في ظل شلل شبه كامل في أجهزة القضاء والحماية. أما مؤسسات المجتمع المدني، فلم تعد قادرة إلا على تنفيذ أنشطة إغاثية محدودة، دون القدرة على تقديم حماية قانونية أو نفسية كافية.
وعلى المستوى الدولي، ورغم وضوح القواعد التي تكفل الحماية أثناء النزاعات المسلحة، فإن الاحتلال ضرب بعرض الحائط كل من:
لكن أمام هذه الانتهاكات، بقي المجتمع الدولي عاجزًا، واكتفى بالإدانات الشكلية، دون تحريك أدوات المحاسبة أو مساءلة الاحتلال أمام المحاكم الدولية، لا سيما المحكمة الجنائية الدولية.وتقول أنييس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: التقاعس الدولي عن ضمان احترام اتفاقية جنيف، يجعل من الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة نموذجًا مرعبًا لانهيار القانون الدولي أمام المصالح السياسية".
إن انهيار منظومة الحماية الداخلية، بالتوازي مع عجز المجتمع الدولي، جعل المرأة والطفل في غزة عرضة لواحدة من أبشع موجات الانتهاك الجماعي الممنهج في العصر الحديث، دون أفق للإنصاف أو العدالة.
ثالثاً: تحليل الالتزامات المفروضة بموجب اتفاقية جنيف والبروتكولات، واتفاقية حقوق الطفل وسيداو.
منذ السابع من أكتوبر 2023، شهد قطاع غزة انتهاكًا شاملًا لمنظومة الحماية القانونية الخاصة بالنساء والأطفال، بما يشكل خرقًا صارخًا للمعاهدات الدولية الأساسية التي تلزم الدول، لا سيما في حالات النزاع المسلح، بتوفير حماية خاصة للفئات الهشة.
تنص المادة (27) من اتفاقية جنيف الرابعة على حق المدنيين بالحماية والاحترام، مع تأكيد خاص على حماية النساء من أي اعتداء على شرفهن، بما في ذلك الاغتصاب، والإكراه على الدعارة، والهتك الجسدي. كما تنص على ضرورة معاملة الأطفال والنساء معاملة إنسانية، وتوفير الأمان لهم في جميع الأوقات، دون تمييز. ورغم هذا، تشير التقارير الحقوقية إلى نمط ممنهج من الانتهاكات:
كما تنص المادة (63) على حماية الطواقم الطبية، وهو ما تم خرقه مرارًا، عبر استهداف المستشفيات والطواقم الطبية، ومنعها من الوصول إلى المرضى والجرحى، ما أدى إلى وفاة العديد من الأطفال بسبب تأخر الإسعاف أو غياب الدواء.
تنص المادة (11) على التزام الدول الأطراف بحماية الأمومة وعدم اعتبار أي إجراء حمائي موجه للنساء أثناء الحمل أو الرضاعة تمييزًا. كما تنص المادة (12) على حق المرأة في الحصول على خدمات مناسبة أثناء الحمل وما بعد الولادة، بما في ذلك التغذية والعلاج المجاني عند الحاجة.وقد وثّقت تقارير أممية:
تلزم الاتفاقية الدول بحماية الطفل من جميع أشكال العنف والإيذاء، وضمان حقه في الحياة، والصحة، والتعليم، والرعاية النفسية والاجتماعية، لا سيما في أوقات النزاعات.لكن الواقع في غزة منذ أكتوبر 2023 يُظهر:
رابعاً/ الثغرات في تطبيق الحماية القانونية: -
رغم أن الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف، واتفاقية سيداو، واتفاقية حقوق الطفل، تُلزم الأطراف المتنازعة بتوفير حماية خاصة للنساء والأطفال، فإن واقع الحرب في قطاع غزة كشف عن ثغرات واسعة في تطبيق هذه الحماية، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
أدى التدمير الممنهج لمؤسسات إنفاذ القانون، ووزارات الخدمات الاجتماعية، إلى غياب أي تطبيق فعلي للقوانين الناظمة لحماية المرأة والطفل. ويشير المستشار القانوني أحمد المصري إلى أن: "منظومة الحماية كانت هشة أصلًا قبل الحرب، لكنها تحطّمت كليًا بعدها. لم يعد هناك تطبيق لقانون الطفل الفلسطيني، ولا أي إطار قانوني عملي يحمي النساء من العنف أو يوفر لهن مراكز دعم أو إنصاف قانوني".
تحوّلت الحياة القانونية في غزة إلى واقع بلا قضاء فاعل، ولا آليات مساءلة، ما أفرز حالات عنف داخل الأسرة والمجتمع دون أي أدوات ردع أو معالجة، بل وتضاعف هذا العنف تحت ضغط الفقر والنزوح وانعدام الأمان.
ومنذ السابع من أكتوبر تضررت النساء والأطفال بشكل كبير بالنسبة اوضاعهم الاسرية والاجتماعية بسبب تعطل عمل المحاكم الشرعية والنظامية واستهدافها بشكل متعمد من قبل الاحتلال الإسرائيلي وتوقف المعاملات والدعاوى الشرعية الخاصة بحقوق النساء والأطفال الكثير من النساء معلقات ليس مطلقة ولا هي عند زوجها الكثير منهن لا تحصلن على نفقة زوجية بسبب تعطل عمل المحاكم وجهات الانفاذ تقول احدى السيدات النازحات في احدى مخيمات النزوح انها حردانة قبل الحرب لدى أهلها هي وابنتها التي تبلغ من العمر 7 سنوات زوجها يرفض تطليقها كان يضربها ضرب مبرح ويعنفها كل أنواع العنف وكانت تنوي رفع دعوى حتى يتم تطليقها لكن اندلاع الحرب حالت دون ذلك وهي الان لا تستطيع رفع دعوى تفريق او حتى نفقة( تركت معلقة) حسب قولها.
رغم وضوح النصوص القانونية الدولية، لم تفعّل الدول الأطراف في الاتفاقيات التزاماتها في ضمان احترام هذه المعاهدات في حالات النزاع. وتقول أنييس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: "من خلال التقاعس عن التزامها بواجبها القانوني، تُقدّم الدول مصالحها السياسية على التزاماتها الأخلاقية والقانونية، ما جعل من غزة نموذجًا مرعبًا لانهيار القانون الدولي". ويتمثل هذا العجز في:
بات واضحًا أن الاحتلال لم يلتزم بأي من الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك سيداو، التي تنص على احترام حقوق المرأة في حالات الطوارئ، واتفاقيات جنيف التي تُجرّم استهداف المدنيين، ونظام روما الأساسي الذي يصنّف هذه الانتهاكات كجرائم ضد الإنسانية.
ويحذر خبراء قانونيون من أن غياب المساءلة الدولية يكرّس الإفلات من العقاب، ويُضعف الثقة في المنظومة القانونية الدولية برمتها، ويشجع على تكرار هذه الجرائم بحق فئات لا تملك وسائل الدفاع أو الحماية.
خامساً: النتائج والتوصيات:
أولاً: النتائج:
ثانياً: التوصيات:
على المستوى المحلي:
على المستوى الفلسطيني الرسمي:
على المستوى الدولي:
على الأمم المتحدة ووكالاتها:
سادساً: المصادر والمراجع: -
أنييس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية – بيان صحفي حول غزة
https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2025/01/gaza-war-crimes-statement.
[1] https://palestine.unwomen.org/en/stories/press-release/2024/09/war-on-womens-health-in-gaza?utm_source=chatgpt.com
[2] https://apnews.com/article/israel-palestinians-hamas-war-07-15-2025-43e559363cba4eb99cd7238c00d1de12
[3] https://www.alquds.com/en/posts/156803?utm_source=chatgpt.com
[4]الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني
[5] OCHA: Humanitarian Needs Update, July 2025
[6] Population Health Metrics: Mortality and Orphan hood in Gaza, May 2025
[7]مقابلة شخصية أجرتها الباحثة.
[8]مقابلة شخصية أجرتها الباحثة.
[9] UN Women: Gender-Based Violence Brief, April & July 2025
[10] Euro-Med Human Rights Monitor: Gaza Field Documentation, June–July 2025.
[11]مقابلة شخصية أجرتها الباحثة.
[12] UN Women & OCHA: GBV Risk Analysis Update, July 2025.
[13]مقابلة شخصية أجرتها الباحثة.
[14]البنك الدولي: Gaza Economic Update – May 2025.
[15] ILO: Gender & Labour Report, Gaza – Q2 2025.
[16]مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA): Humanitarian Update – July 2025.
[17]مقابلة شخصية أجرتها الباحثة.
[18] WHO & UN OCHA: Gaza Health Crisis Updates – June & July 2025
[19] Protection Cluster: Gaza Health and Protection Brief, Q2 2025.
[20] UNICEF Executive Director Speech – UN Security Council, June 2025.
[21]مقابلة شخصية أجرتها الباحثة.
[22] Protection Cluster: Gaza Health and Protection Brief, Q2 2025.
[23]بيانات صادرة عن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.
[24]مقابلة شخصية أجرتها الباحثة.
[25]مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA): Humanitarian Update – July 2025.
محامية وناشطة حقوقية ، مهتمة بقضايا المراة والطفل والشباب من منظور حقوقي